فصل: الشاهد الحادي عشر بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.وفاة صاحب الموصل وولاية ابنه الصالح.

ثم توفي بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل سنة سبع وخمسين وستمائة وكان يلقب الملك الرحيم وملك بعده على الموصل ابنه الصالح إسمعيل وعلى سنجار ابنه المظفر علاء الدين علي وعلى جزيرة ابن عمر ابنه المجاهد إسحق وأبقاهم هلاكو عليها مدة ثم أخذها منهم ولحقوا بمصر فنزلوا على الملك الظاهر بيبرس كما نذكر في أخباره وسار هلاكو إلى الشام فملكها وإنقرضت دولة الأتابك زنكي وبينه وموإليه من الشام والجزيرة أجمع كان لم تكن والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين والبقاء لله تعالى وحده والله تعالى أعلم.

.دولة بني أيوب الخبر عن دولة بني أيوب القائمين بالدولة العباسية وما كان لهم من الملك بمصر والشام واليمن والمغرب وأولية ذلك ومصايره.

هذه الدولة من فروع دولة بني زنكي كما تراه وجدهم هو أيوب بن شادي بن مروان بن علي ابن الحسن بن علي بن أحمد بن علي بن عبد العزيز بن هدبة بن الحصين بن الحرث بن سنان بن عمر بن مرة بن عوف الحميري الدوسي هكذا نسبه بعض المؤرخين لدولتهم قال ابن الأثير أنهم من الأكراد الروادية وقال ابن خلكان شادي أبوهم من أعيان درين وكان صاحبه بها فأصابه خصي من بعض أمرائه وفر حياء من المثلة فلحق بدولة السلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه وتعلق بخدمة داية بنيه حتى إذا هلك الداية أقامه السلطان لبنيه مقامه فظهرت كفايته وعلا في الدولة محله عن شادي بن مروان صاحبه لما بينهما من الألفة وأكيد الصحبة فقدم عليه ثم ولى السلطان بهروز شحنة بغداد فسار إليها واستصحب شادي معه ثم أقطعه السلطان قلعة تكريت فولى عليها شادي فهلك وهو وال عليها وولى بهروز مكانه ابنه نجم الدين أيوب وهو أكبر من أسد الدين شيركوه فلم يزل واليا عليها ولما زحف عماد الدين زنكي صاحب الموصل لمظاهرة مسعود على الخليفة المسترشد سنة عشرين وخمسمائة وانهزم الأتابك وانكفأ راجعا إلى الموصل ومر بتكريت قام نجم الدين بعلوفته وازواده وعقد له الجسور على دجلة وسهل له عبورها ثم إن شيركوه أصاب دما في تكريت ولم يفده منه أخوه أيوب فعزله بهروز وأخرجهما من تكريت فلحقا بعماد الدين بالموصل فأحسن إليهما ثم ملك بعلبك سنة اثنتين وثلاثين وجعله نائبا ولم يزل بها أيوب ولما مات عماد الدين زنكي سنة إحدى وأربعين زحف صاحب دمشق فخر الدين طغركين إلى بعلبك وحاصرها واستنزل أيوب منها على ما شرط لنفسه من الإقطاع وأقام معه بدمشق وبقي شيركوه مع نور الدين محمود بن زنكي وأقطعه حمص والرحبة لإستطلاعه وكفايته وجعله مقدم عساكره ولما صرف نظره إلى الإستيلاء على دمشق واعتزم على مداخلة أهلها كان ذلك على يد شيركوه وبمكاتبته لأخيه أيوب وهو بدمشق فتم ذلك على أيديهما وبمحاولتهما وملكها سنة تسع وأربعين وخمسمائة وكانت دولة العلويين بمصر قد أخلقت جدتها وذهب استفحالها واستبد وزراؤها على خلفائها فلم يكن الخلفاء يملكون معهم وطمع الإفرنج وذهب استفحالها واستبد وزراؤها على خلفائهم فلم يكن الخلفاء يملكون معهم وطمع الإفرنج في سواحلهم وأمصارهم لما نالهم من الهرم والوهن فمالوا عليهم وانتزعوا البلاد من أيديهم وكانوا يردون عليهم كرسي خلافتهم بالقاهرة ووضعوا عليهم الجزية وهم يتجرعون المصاب من ذلك ويتحملونه مع بقاء أمرهم كاد الأتابك زنكي وقومه السلجوقية من قبله أن يمحو دعوتهم ويذهبوا بدولتهم وأقاموا من ذلك على مضض وقلق وجاء الله بدعوة العاضد آخرهم وتغلب عليه بعد الصالح بن زريك شاور السعدي وقتل رزيك بن صالح سنة ثمان وخمسين واستبد على العاضد ثم نازعه الضرغام لتسعة أشهر من ولايته وغلبه وأخرجه من القاهرة فلحق بالشام ولحق بنور الدين صريخا سنة تسع وخمسين وشرط له على نفسه ثلث الجباية بأعمال مصر على أن يبعث معه عسكرا يقيمون بها فأجابه إلى ذلك وبعث أسد الدين شيركوه في العساكر فقتل الضرغام ورد شاور إلى رتبته وآل أمرهم إلى محو الدولة العلوية وإنتظام مصر وأعمالها في ملكة ابن أيوب بدعوة نور الدين محمود بن زنكي ويخطب للخلفاء العباسيين لما هلك نور الدين محمود واستبد صلاح الدين بأمره في مصر ثم غلب على بني نور الدين محمود وملك الشام من أيديهم وكثر عيث ابن عمهم مودود واستفحل ملكه وعظمت دولة بنيه من بعده إلى أن انقرضوا والبقاء لله وحده.

.مسير أسد الدين شيركوه إلى مصر وإعادة شاور إلى وزارته.

لما اعتزم نور الدين محمود صاحب الشام على صريخ شاور وإرسال العساكر معه واختار لذلك أسد الدين شيركوه بن شادي وكان من أكبر أمرائه فاستدعاه من حمص وكان أميرا عليها وهي أقطاعه وجمع له العساكر وأزاح عللهم وفصل بهم شيركوه من دمشق في جمادي سنة تسع وخمسين وسار نور الدين بالعساكر إلى بلاد الإفرنج ليأخذ بحجزتهم عن اعتراضه أو صده لما كان بينهم وبين صاحب مصر من الألفة والتظاهر ولما وصل أسد الدين بلبيس لقيه هنالك ناصر الدين أخو الضرغام وقاتله فانهزم وعاد إلى القاهرة مهزوما وخرج الضرغام منسلخ جمادى الأخيرة فقتل عند مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها وقتل أخوه وأعاد شاور إلى وزارته وتمكن فيها وصرف أسد الدين إلى بلده وأعرض عما كان بينهما فطالبه أسد الدين بالوفاء فلم يجب إليه فتغلب أسد الدين على بلبيس والبلاد الشرقية وبعث شاور إلى الإفرنج يستنجدهم ويعدهم فبادروا إلى إجابته وسار بهم ملكهم مرى لخوفهم أن يملك أسد الدين مصر واستعانوا بجمع من الإفرنج جاؤا الزيارة القدس وسار نور الدين إليهم ليشغلهم فلم يثنهم ذلك وطمعوا لعزمهم ورزأ أسد الدين إلى بلبيس واجتمعت العساكر المصرية والإفرنج عليه وحاصروه ثلاثة أشهر وهو يغاديهم القتال ويراوحهم وامتنع عليهم وقصاراهم منع الأخبار عنه واستنفر نور الدين ملوك الجزيرة وديار بكر وقصر حارم وسار الإفرنج لمدافعته فهزمهم وأثخن فيهم وأسر صاحب إنطاكية وطرابلس وفتح حارم قريبا من حلب ثم سار إلى بانياس قريبا من دمشق ففتحها كما مر في أخبار نور الدين وبلغ الخبر بذلك إلى الإفرنج وهم محاصرون أسد الدين في بلبيس ففت في عزائمهم وطووا الخبر عنه وراسلوه في الصلح على أن يعود إلى الشام فصالحهم وعاد إلى الشام في ذي الحجة من السنة والله تعالى أعلم.